3 déc. 2010

المعاد يوم القيامة



علي موسى الكعبي


تحظى إصدارات المركز

بالمتابعة والتقويم والإشراف العلمي



بسم الله الرحمن الرحيم



( 5 )

مقدمة المركز
الحمد لله حَقَّ حمده.. والصلاة والسلام على من لا نبي من بعده ، وعلى آله الأطهار الميامين ، وصحبه الخيار المنتجبين ، والتابعين لهم باحسان إلى يوم الدين..
وبعد..
فالمعاد ، أصل ثابت من أصول الاعتقاد ، لا في الإسلام وحده ، بل في سائر الأديان السماوية ، وهو الأصل الذي اقترن بالتوحيد والنبوة ، إذ صار الإيمان بالله وبرسله وكتبه داعياً إلى ضرورة الإيمان به ، فهو لازم التصديق بدعوات الأنبياء المشحونة بالنصوص القاطعة في إثباته ، وهو أيضاً لازم الوعد الإلهي بالثواب ، والوعيد بالعقاب ، وهما من لوازم التكليف ، ولوازم العدل الإلهي أيضاً ، ولوازم الهدفية والغائية في الحياة ، المنافية للعبث الذي لا محل له مع العدل والحكمة الإلهيين.. والقرآن يكشف عن هذا التلازم الأكيد في نصوص كثيرة ، من أكثرها وضوحاً قوله تعالى : ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون ) ؟ [ المؤمنون : 83 / 115]
وقد واجه الكثير من البشر على امتداد التاريخ هذه العقيدة بأسئلة بدائية ساذجة ، وما زالت ، رغم بدائيتها وسذاجتها ، مصدراً لشكوك الكثير ممن تردد في قبول هذا المبدأ أو أنكره.. تدور هذه الاشكالية حول إمكان عودة الجسد البشري بعد تفسّخه في الأرض ، أو توزّعه ذرات مفرّقة هنا وهناك.. ومنذ عصر التنزيل عالج القرآن الكريم هذه الاشكالية بطرح البراهين الحسيّة التي تفتح الأذهان أمام أبسط أشكال القياس الذي تستسيغه العقول الفطرية ، وتدرك أهميته العقول الفلسفية ، وذلك في مثل قوله تعالى : ( وضرب لنا مثلاً ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي


( 6 )

رميم * قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم
) [ يس :36/78ـ79 ] .
بل أوقف الله تعالى البشرية في حقب كثيرة على مصاديق حيّة لهذا الاحياء والاعادة بعد الفناء والتفسّخ ، وهو كثير في قصص أنبياء بني إسرائيل هؤلاء القوم الذين كانوا أكثر الأمم لجاجةً وأبعدهم عن المنطق السليم.
أما في ما وراء هذه الاشكالية البدائية ، فقد ظهرت أسئلة الفلاسفة ، في أصل المعاد نفسه ، بل في كيفيته وصورته ، بعد الايمان به وإقامة البراهين الفلسفية عليه.
فكانت أسئلتهم تدور حول طبيعة الروح وعلاقتها بالجسد ، وما إذا كانت الروح تفنى هي الأخرى بعد الموت ثم تعود ، وما إذا كانت أدلة المعاد الفلسفية والشرعية دالة على عودة الأجساد أم يمكن حصر دلالتها بعودة الأرواح ، ليكون الثواب والعقاب متعلق بالأرواح لا بالأجساد ، في أسئلة تفصيلية تعود إلى هذه المحاور ، والتي تنتهي الاجابات فيها عند سائر فلاسفة الإسلام إلى أنّ الموت متعلق بالجسد ، لا بالروح ، وإن للأرواح محالّها حتى يوم البعث ، حيث تعود الأجساد ثانية ، بما اصطلح عليه بالمعاد الجسماني ، لتتلبس بها أرواحها ، في حياتها الأخيرة ، الأبدية.
ولتلك الحياة الأبدية فصول طويلة ، وضعت آيات القرآن الكريم والسنّة المطهّرة حدودها ومعالمها الأساسية ، ابتداءً بالبرزخ ، فقيام الساعة ، فالبعث ، والنشور ، والحشر ، والحساب ، والميزان ، والصراط ، وانتهاءً بالجنة والنار.
تلك الفصول الطويلة التي صار يُعبَّر عنها بمشاهد القيامة.
فإلى مفهوم المعاد ، وأدلته ، ثم حقيقته ، وفصوله المتصلة ، ينقلنا هذا الكتاب في رحلة روحية نحن أحوج ما نكون إليها.
مركز الرسالة


( 7 )

المقدمة
الحمد لله ربّ العالمين ، وأفضل الصلاة وأتمّ التسليم على خير الأنام محمد المصطفى وآله الهداة المعصومين الأكرام.. وبعد..
إنّ الإيمان بالمعاد يعدّ أحد أهم اُصول العقيدة الإسلامية وأركانها الأساسية الثابتة في القرآن الكريم والسنّة المطهرة ، فضلاً عن دلالة العقل السليم على ثبوت حقيقة المعاد وحتمية الحياة الآخرة.
ومن قبل اتفقت الشرائع السماوية جمعاء على تأصيل هذا المبدأ العقائدي ، وتحمّل الأنبياء والرسل ، في مختلف مراحل التاريخ ، المتاعب الجمّة والتحديات الكثيرة ، على طريق ترسيخه في نفوس أقوامهم.
إنّ التفكّر في خلق السماوات والأرض ، وخلق مفردات هذا الكون الفسيح ونظامه الكامل المنسجم ، يقودنا إلى الايمان بالقدرة العظيمة ، لبديع السماوات والأرض ، على إحداث النشأة الثانية ، كما أحدث النشأة الأُولى من العدم ، لأنّ من قدر على الابتداء فهو على الاعادة أقدر ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماوَاتِ وَالاََْرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَى )(1)وعبّر أمير المؤمنين عليه السلام عن ذلك بقوله : « عجبت لمن أنكر النشأة الآخرة ، وهو يرى النشأة الاُولى! »(2).
وعليه فالموت ، ذلك القادم الذي سيحلّ بنا وشيكاً كما حلّ بمن قبلنا ، ليس هو العدم والفناء ونهاية قصة خلق الإنسان ، خليفة الله المكلّف بالعبودية والطاعة لله ،
____________
1) سورة الأحقاف : 46/33.
2) غرر الحكم / الآمدي 2 : 35/3 ـ مؤسسة الأعلمي ـ بيروت.

( 8 )

وحده لا شريك له ، وإقامة عناصر الخير ومبادئ الحق في الأرض ، بل هو في عقيدة الإسلام مرحلة أولية من مراحل عالم الآخرة ، عالم الخلود والبقاء ، عالم الجنة والنار ، حيث الناس هناك باقون رهائن أعمالهم ( كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ) (1) فإما نعيم دائم ، أو عذاب مقيم.
إنه العالم الذي يتجلّى فيه عدل الله تعالى وصدق وعده ووعيده ، فذاك عالم الجزاء على ما كان في هذا العالم ، عالم الابتلاء..
من هنا فإنّ الإيمان بأنّ الله تعالى يبعث الناس بعد الموت في خلق جديد ، في اليوم الموعود ، فيثيب المطيعين ويعذّب العاصين ، يعدّ من العوامل الأساسية في السيطرة على الغرائز الإنسانية والأهواء النفسية ، ويشكّل رادعاً عن اقتراف الذنوب ، ويجعل من وجود الانسان في الحياة الدنيا وجوداً مكرّماً ، فيسعى إلى تفعيل عناصر الخير والصلاح والفضيلة والكمال في نفسه ، وفي اُسرته ومجتمعه ، ليتهيأ لما يستقبله بعد الموت من شدائد القبر وأهوال الحساب.
إنّ الإيمان بالمعاد ، من ناحية أخرى ، يحيي الأمل في نفوس البشر ، وهي تتطلّع إلى حياة الآخرة ، المعبّرة عن عدل الله وصدق وعده ووعيده ، فيجدّون في ترسيخ قيم الأخلاق والدين ، ويتحمّلون الصعاب في سبيل الاصلاح والدعوة إلى الحقّ والصدق والعدل.
وفي هذا البحث سنسلّط الضوء على هذا الموضوع ، في أربعة فصول ، نتناول فيها تعريف المعاد وآثار الاعتقاد به ، وأدلة وجوبه وضرورته ، وبيان حقيقته ، والردّ على شبهات المنكرين ، ومنازل المعاد كالموت والحياة البرزخية ، وأشراط الساعة ، ومشاهد يوم القيامة ، وغيرها.
أجارنا الله من غضبه وسطوته ، وشملنا بعفوه ورحمته
____________
1) سورة المدثر : 74/38.

( 9 )

الفصل الأوّل :
معنى المعاد وآثار الاعتقاد به

المبحث الأوّل : معنى المعاد لغةً واصطلاحاً المعاد في اللغة : كلّ شيءٍ إليه المصير والمآل ، وهو مصدر عاد إليه يعود عَوْداً وعودةً ومعاداً ، أي : رجع وصار إليه ، قال تعالى : ( كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ )(1).
ويتعدّى بنفسه وبالهمزة ، فيقال : عاد الشيءَ عَوْداً وعِياداً : انتابه وبدأه ثانياً ، وأعدتُ الشيء : رددته ثانياً ، أو أرجعته ، وأعاد الكلام : كرّره ، قال تعالى : ( ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجاً ) (2).
وأصل المعاد (مَعْوَد) على وزن (مَفْعَل) قُلبتْ واوه ألفاً ، ومثله : مقام ومراح ، وقد جاء على الأصل في حديث أمير المؤمنين عليه السلام : « والحَكَمُ الله ، والمَعْوَدُ إليهِ القِيامةُ »(3).
ومَفْعَل ومقلوبها تستعمل مصدراً صحيحاً بمعنى العَوْد ، واسماً لمكان العَوْد أو زمانه ، قال تعالى : ( إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى
____________
1) سورة الأعراف : 7/29.
2) سورة نوح : 71/18.
3) نهج البلاغة / صبحي الصالح : 231 الخطبة 162 ـ دار الهجرة ـ قم .

( 10 )

مَعَادٍ ) (1) ، وفي الحديث : « واصلح لي آخرتي التي فيها معادي ».
والمبدئ المعيد : من صفات الله تعالى ، لأنّ الله سبحانه بدأ الخلق إحياءً ، ثمّ يميتهم ، ثم يعيدهم إلى الحياة يوم القيامة ، قال تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ) (2). المعاد في الاصطلاح : هو الوجود الثاني للأجسام وإعادتها بعد موتها وتفرّقها(3).
وعرّف أيضاً بأنه الرجوع إلى الوجود بعد الفناء ، أو رجوع أجزاء البدن إلى الاجتماع بعد التفرّق ، وإلى الحياة بعد الموت ، ورجوع الأرواح إلى الأبدان بعد المفارقة(2). واختلفوا في حقيقته ؛ أهو روحاني فقط ، أم هو جسماني ؛ فالقائلون بأنه روحاني فقط ، هم جمهور الفلاسفة الذين توقفوا عند قاعدتهم العقلية التي تقول : إن المعدوم لا يعاد . فلما كانت الأبدان تنعدم بعد الموت ، فلا يمكن أن تعاد ثانية ، وعليه جعلوا المعاد وما يتعلّق به من شأن الروح وحدها التي لا يعتريها الفناء.
____________
1) سورة القصص : 28/85.
2) سورة الروم : 30/27 ، وراجع في المعنى اللغوي : لسان العرب / ابن منظور ـ عود ـ 3/315 ـ أدب الحوزة ـ قم ، مفردات القرآن / الراغب ـ عود ـ : 351 ـ المكتبة المرتضوية ـ طهران ، المصباح المنير / الفيومي ـ عاد ـ 2 : 101 ـ مصر ، معجم مقاييس اللغة / ابن فارس ـ عود ـ 4 : 181 ـ دار الفكر ـ بيروت.
3) النافع يوم الحشر في شرح الباب الحادي عشر / الفاضل المقداد : 86 ـ انتشارات زاهدي.
4) شرح المقاصد / التفتازاني 5 : 82 ـ الشريف الرضي ـ قم.

( 11 )

وأما القائلون بالمعاد الجسماني ، وهم عامة أهل الإسلام من المتكلمين والفقهاء وأهل الحديث وأهل التصوف ، فقد آمنوا بعودة الأبدان يوم القيامة كما أخبر عنه الله تعالى.
وقد افترق هؤلاء أيضاً في مصير الروح بعد الموت إلى فريقين لاختلافهم في تفسير الروح ؛ فقال فريق بأن الروح جسم سارٍ في البدن سريان النار في الفحم ، والماء في الورد ، فالمعاد عندهم بالنسبة للبدن والروح هو معاد جسماني ، وقال آخرون وفيهم كثير من الحكماء وأكابر المتكلمين والعرفاء بتجرد الروح وعودتها إلى البدن بعد البعث.. فيصبح المعاد عندهم جسماني روحاني. وعلى هذا ورد تقسيم الأقوال في المعاد إلى ثلاثة : روحاني ، وجسماني ، وجسماني روحاني(1).

المبحث الثاني : آثار الاعتقاد بالمعاد قبل أن نبين الآثار المترتبة على الاعتقاد بالمعاد ، لا بدّ من الإشارة إلى أن الله سبحانه لم يفرض علينا الاعتقاد باليوم الآخر ، وما فيه من المُداقّة في الحساب وظهور نتائج الأعمال ، كوسيلة من وسائل الردع عن الشرّ والفساد في الدنيا والترغيب في عمل الخير والرشاد ، وحسب ، بل أوجبه تعالى لأنه حقيقة ثابتة لها وجود واقعي ، ولأنّ الإيمان بالمعاد إيمان بالأمر الواقع ، وتسليم بالقضاء الحتم الذي لا بدّ منه ، قال تعالى : ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لأ تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لأ يَعْزُبُ
____________
1) المبدأ والمعاد / صدر الدين الشيرازي : 374 ـ 375 ، حق اليقين/ عبد الله شبر 2 : 36ـ38 ـ مطبعة العرفان ـ صيدا.

( 12 )

عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماوَاتِ وَلأ فِي الاََْرْضِ وَلأ أَصْغَرُ مِن ذلِكَ وَلأ أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِين ) (1).
أمّا ما يترتب على الإيمان بالمعاد ، من الوقوف عند حدود الشريعة وامتثال أحكامها وتطبيق مقرراتها ـ وما يتبع ذلك من آثار تعود في صالح الفرد والمجتمع ، سواء في إطار تهذيب الأخلاق وتقويم السلوك ، أو في إطار تنمية النوازع النفسية الخيّرة ، وضمان عروجها في سُلّم الفضيلة والكمال ـ فهي فرع لذلك الأصل ، وثمرة من ثمراته الطيبة ، والتي ترسم لنا بمجموعها صورة من صور الحكمة الإلهية في فرض اُصول الاعتقاد وتشريع الأحكام ، وما لذلك من آثار تعود في صالح الفرد ، وتضمن مصالحه وسعادته في الدارين ، وتسهم في تنظيم الحياة الانسانية بأبهى صورها ، وفي ما يلي نذكر أهمّ تلك الآثار :

أولاً : أثر المعاد في إطار السلوك لا يخفى أن إرسال الأنبياء يُعدّ من الضرورات التي تفرضها حاجة الإنسان إلى الهداية والصلاح ، بما ينسجم مع الحكمة الإلهية التي قضاها الله تعالى في خَلْقه ، ولا يمكن إقامة اُسس تلك الهداية ما لم تقترن بقوّة تنفيذية فاعلة تحمل الإنسان على الانصياع لها ، وتُخرج التعاليم الإلهية والأحكام السماوية من حيّز النظرية إلى واقع الممارسة ، فتقود الإنسان إلى ساحل الرشاد ، دون أدنى تجاوزٍ منه أو مخالفة ، وبدون تلك القوّة ستبقى تلك التعاليم والأحكام مجرّد مواعظ ، ليس لها معنى في واقع الحياة ، ولا أدنى
____________
1) سورة سبأ : 34/3.

( 13 )

تأثير في سلوك الانسان.
وإذا تصوّرنا أن العوامل الخارجية المتمثّلة بقوانين العقوبات الوضعية ـ وما فيها من السجن والاعدام والابعاد وغيرها ـ قادرة على كبح جماح النفس الانسانية وسيرورتها باتجاه تطبيق اُسس الصلاح والهداية ، فإن الواقع يشير إلى فشل تلك العوامل في اجتثاث جذور الشرّ والفساد وضمان السعادة والكمال والأمن ، سواء على صعيد الفرد أو المجتمع.
ذلك لأنّ تلك القوانين إذا كانت قد نجحت في ردع المجرمين والأشرار من الرعية ، بانزال أقصى العقوبات بهم ، فإنّها قد أفلست في الحدّ من انحرافات أصحاب القرار السياسي ، وأصبحت قاصرة أمام المتسلّطين الذين يتلاعبون بمقدّرات الشعوب ، ويبتزّون أموالهم ويغتصبون حقوقهم تحت غطاء قانوني مصطنع يوفّر لهم الحماية والأمان.
ثم إنّ العوامل الخارجية المؤثرة في سلوك الفرد ، بما فيها من قوانين العقوبات التي تواضعت عليها أنظمة الحكم في أغلب الدول ، ترتبط ارتباطاً وثيقاً بقوة الدولة وهيبة سلطتها الحاكمة وسلامة أدواتها التنفيذية ، وحينما تفقد الدولة تلك القوة والهيبة ، ويستشري الفساد في أوصالها ، فلا قيمة لتلك القوانين ، وليس لها أدنى هيبة أو احترام.
وإذا افترضنا نجاح القوانين الوضعية في ردع المجرمين من الرعية والحاكمين ، مع وجود القانون الذي يضمن استمرار قوة الدولة وفاعلية مؤسساتها التنفيذية ، فإنّ في جنبات الإنسان منطقة فراغ لاتطالها مراقبة السلطة ، ولا تصلها سلطة القانون ، ومن تلك المنطقة تحدث الجرائم والانحرافات الشاذة ، بعيداً عن الأضواء الكاشفة ، بسبب شهوات النفس


( 14 )

الأمّارة وما يعدها الشيطان من الغرور ( وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلألاً بَعِيداً ) (1) ، ( إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلاِِْنسَانِ عَدُوّاً مُبِيناً ) (2).
وإذا قيل : بأن الملحد قد يكون فاضلاً قويماً ، فإن فضيلته ظاهرية ، لاترتكن على اُصول نفسية ، فضيلة أوجدها الحياء من المعاشرين ، أو التقية من سلطة القوانين ، ولو غاب الرقيب وخلا له الجو ، فإنه لايتورّع عن هتك سترٍ أو سلب مالٍ أو اقتراف محرّم ؛ لأن الشهوة إذا امتلكت ناصية النفس ، قادتها إلى كلّ رذيلة ، وركبت كلّ دنيئة ، فأنّى تكون الفضيلة لمن يعتقد أنه حيوان فانٍ ؟
وعليه فإنّ القوانين التي تسنّها الدول ، وحتى في أكثر دول العالم مدنيةً وتقدماً ، قد أثبتت فشلها الذريع في توجيه سلوك الفرد ، وتنظيم حياته ، وبلوغ أهدافه الإنسانية والروحية ، على اُسس ثابتة وقويمة ، تستوعب حركة الفرد في المجتمع وتصرفاته وأعماله الظاهرية والباطنية ، وترشده إلى الصلاح والسعادة في دنياه وآخرته.
وممّا تقدمّ يتبيّن أن العوامل الداخلية الكامنة في أعماق نفس الإنسان ، والنابعة من صميم وجدانه وضميره ، هي القوة الوحيدة التي تحكم سلوكه وتصرفاته ، وتلازمه في حلّه وترحاله وسرّه وعلنه ، وذلك لما للروح من قدرة ذاتية على كبح جماح صاحبها ، لأنها من عالمٍ علوي ، فتنزع بفطرتها إلى الكمال والسمو ، ولكن قلّما يصل الإنسان إلى أن يجعل لروحه سلطاناً على جسده ، لأن هذا الأمر يحتاج إلى رياضة روحية قاسية لا تسهل إلاّ
____________
1) سورة النساء : 4/60.
2) سورة الإسراء : 17/53.

( 15 )

لمن يعتقد بخلود النفس ، وهذا الاعتقاد يخلق في أعماق النفس الإنسانية حافزاً يدعو إلى عمل الفضائل والخيرات ، رجاءً في ثواب الآخرة ، ووازعاً يحدّ من الأهواء والشهوات ، ويردع عن ارتكاب المعاصي والسيئات ، خوفاً ورهبةً من عقاب الآخرة.
ذلك لأنّ الضمير الانساني وحده قد يؤنّب صاحبه على سيئةٍ فعلها ، لكنّه لا يعذّبه ، وقد يعاتبه على منكرٍ اقترفه ، لكنّه لا يعاقبه ، وقد يكون ناصحاً وواعظاً ، لكنّه قد لا يكون موجّهاً ، لأنه لا يملك نفعاً ولا ضراً إزاء أهواء النفس وجموحها في عالم الضلال والغواية ، وكثيراً ما تغالبه فيكفّ ويعتزل ، وعندها يفعل الانسان ما يشاء تحت جنح الظلام بعيداً عن أعين الناس.
فإذا كانت القوانين الرسمية والأعراف الاجتماعية وازعاً يردع الانسان من الخارج ، والضمير الانساني وازعاً يردعه من الداخل ، فيضبطان سلوكه وتصرفه إلى قدرٍ معين ، فإنّ الإيمان بالله والاعتقاد باليوم الآخر يجمع بين الاثنين ويفوقهما ، لأنه يغرس في النفوس اُسس التربية الأخلاقية القائمة على الشعور بوجود الرقيب على القول والعمل ، ولا يستطيع المؤمن التهرّب من ذلك الرقيب في جميع أحواله ، لأنه محيط بكلّ شيء ، وأقرب إليه من حبل الوريد ، ويعلم السرّ وأخفى ، وإنه سيحاسبه عن كلّ كبيرة وصغيرة فعلها ، ولا يعزب عنه مثقال ذرّة ، ولهذا يبقى المؤمن شاعراً بالمسؤولية ، خائفاً من عقاب الله وعذابه ، حتى لو سوّلت له نفسه الاختفاء عن الأنظار بجريرته ، وأمن من عقوبة القانون وسلطته ، إذ لامفرّ من حكم الله وسلطانه.


( 16 )

روي عن الإمام علي بن الحسين عليه السلام أنه جاءه رجل ، وقال : أنا رجل عاصٍ ولا أصبر عن المعصية ، فعظني بموعظة. فقال عليه السلام : « افعل خمسة أشياء واذنب ما شئت ، فأول ذلك : لا تأكل رزق الله ، واذنب ما شئت ، والثاني : اخرج من ولاية الله ، واذنب ما شئت ، والثالث : اطلب موضعاً لا يراك فيه الله ، واذنب ما شئت ، والرابع : إذا جاء ملك الموت ليقبض روحك فادفعه عن نفسك ، واذنب ما شئت ، والخامس : إذا أدخلك مالك في النار فلا تدخل النار ، واذنب ما شئت »(1).
فالمؤمن يعتقد أن كلّ شيء تابع لسلطان الله تعالى وملكه ، وداخل تحت ولايته ، وأنه تعالى يرى كلّ أفعال المرء وحركاته وسكناته ، وما يجيش به صدره ويخطر على قلبه ، وأن تلك الأفعال هي الوحيدة التي سترافقه بعد الموت إلى يوم الحساب ، وتكون المقياس للثواب والعقاب ، وليس ثمة شيء غيرها ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « يتبع المرء ثلاثة : أهله وماله وعمله ، فيرجع اثنان ويبقى واحد ، يرجع أهله وماله ويبقى عمله »(2).
ومن لوازم الإيمان باليوم الآخر : الاعتقاد بأن الناس مدينون بما قدّموا ، ومُرتَهنون بما أسلفوا ، يوم يعرضون على ربهم في دار الحساب ، لاتخفى منهم خافية ، فيسألون عن كل أعمالهم وتصرّفاتهم وعمّا أبدوه وأخفوه من خير وشرّ ، ثم يلقون الجزاء وفاقاً على ما كانوا يعملون
____________
1) جامع الأخبار / السبزواري : 359/1001 ـ مؤسسة آل البيت عليهم السلام / قم ، بحار الأنوار / المجلسي 78 : 126/7 عن الإمام الحسين عليه السلام .
2) كنز العمال / المتقي الهندي 15 : 690/42761 ـ مؤسسة الرسالة ـ بيروت.

( 17 )

قال تعالى : ( وَلأتَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلأ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) (1) وقال سبحانه : ( كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ) (2).
فالأعمال هي مقياس الفضيلة والرذيلة ، وأساس القرب من الرحمة الإلهية والبعد عنها ، إذ لا ينظر في تلك المحكمة إلى الصور والأشكال ، ولا إلى الأحساب والأنساب ، ولا إلى التجارة وكثرة الأولاد والأموال ، قال تعالى : ( فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلأ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلأ يَتَساءَلُونَ * فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ ) (3)وقال تعالى : ( لَن تُغْنِي عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلأ أَوْلأدُهُم مِنَ اللهِ شَيْئاً ) (4)وقال سبحانه : ( وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى )(5). وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « إن الله لا ينظر إلى صوركم ، ولا إلى أموالكم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم »(6).
هذا هو بعض ما يلزم المؤمن الاعتقاد به ، ضمن دائرة الاعتقاد باليوم الآخر ، وهو يخلق في أعماق نفسه الزهد في الدنيا ، والورع عن محارم الله ، ويجعله يتردّد كثيراً قبل ارتكاب المعصية ، ويرتدع عنها بوازع ينبع من صميم نفسه المؤمنة بيوم الحساب ، ومراقبة ضميره الموقن بوجود الرقيب على الأعمال ، دون حاجة إلى مراقبة القانون وسلطته.
____________
1) سورة الانعام : 6/164.
2) سورة المدثر : 74/38.
3) سورة المؤمنون : 33/101 ـ 103.
4) سورة آل عمران : 3/10 و116 ، وسورة المجادلة : 58/17.
5) سورة الليل : 92/11.
6) تفسير الرازي 22 : 135 ـ دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

( 18 )

فالاعتقاد بالمعاد إذن أداة قويمة وفعّالة لتقويم السلوك الفردي ، وتنعكس آثاره على الصعيد الاجتماعي أيضاً ، ذلك لأنه يلزم المرء المسلم التمسّك بكتاب الله تعالى وسنّة رسوله المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم وعدله ، حيث تنتظم اُمور الناس ، ويحفظ لكلّ ذي حقّ حقّه ، كما أنه يخلق في نفس الإنسان موجة قوية من الاحساس بالمسؤولية إزاء كلّ عمل من أعماله ، ويذكي في روحه نزاهة تصدّه عن العدوان على حقوق الآخرين ، وورعاً يجرّده عن الظلم والتجاوز عليهم ، قال أمير المؤمنين عليه السلام : « بئس الزاد إلى المعاد العدوانُ على العباد »(1).
وقال عليه السلام : « لا يؤمن بالمعاد من لا يتحرّج عن ظلم العباد »(2).
وقال عليه السلام : « والله لأن أبيت على حسك السعدان مُسهّداً ، أو أُجرّ في الأغلال مُصفّداً ، أحبّ إليّ من أن ألقى الله ورسوله يوم القيامة ظالماً لبعض العباد ، وغاصباً لشيء من الحُطام ، وكيف أظلم أحداً لنفسٍ يسرع إلى البلى قفولها ، ويطول في الثرى حلولها ؟! »(3).
والإسلام يؤكّد أن خير ما يحمله المرء إلى آخرته هو التقوى ، وذلك يحول دون اتساع أمواج الفساد والخيانة ، ويسهم في إرساء اُسس الصلاح والاستقرار الاجتماعي.
وكان أئمة المسلمين يحثّون الناس بهذا الاتجاه ، قال أبو جعفر الباقر عليه السلام : « كان أمير المؤمنين عليه السلام بالكوفة ، إذا صلى بالناس العشاء
____________
1) نهج البلاغة / صبحي الصالح : 507 ـ الحكمة 221.
2) غرر الحكم / الآمدي 2 : 364/409.
3) نهج البلاغة / صبحي الصالح : 346 ـ الخطبة 224.

( 19 )

الآخرة ينادي بالناس ثلاث مرّات ، حتى يسمع أهل المسجد : أيها الناس ، تجهّزوا يرحمكم الله ، فقد نودي فيكم بالرحيل ، فما التعرّج على الدنيا بعد النداء فيها بالرحيل ؟! تجهّزوا رحمكم الله ، وانتقلوا بأفضل ما بحضرتكم من الزاد ، وهو التقوى... »(1).
والاعتقاد بالآخرة دافع لمراعاة حقوق الناس وإرساء قواعد التعامل الصحيح ، القائم على الانصاف والصدق والأمانة ، قال تعالى : ( وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلاَّ يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُم مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ ) (2).
والإسلام يؤكد أن الانسان إذا انقطع عن الدنيا ، فلا يتبعه بعد موته إلاّ ما يدلّ على العطاء المستمر من صالح الذرية ، والسنّة الحسنة التي يعمل بها بعد موته ، وأعمال الخير والإحسان.
قال الصادق عليه السلام : « ليس يتبع المؤمن بعد موته من الأجر إلاّ ثلاث خصال : صدقة أجراها في حياته فهي تجري بعد موته ، وسنة هو سنّها فهي يُعمَل بها بعد موته ، أو ولد صالح يدعو له » (3) ، وفي ذلك دعوة صريحة للإنسان المسلم لأن يفكّر في إقامة اُسس الخير والصلاح في المجتمع ، وتربية النشء الصالح حتى بعد انقطاعه عن الدنيا.
وعليه فإن الإيمان بالمعاد والحساب يوم القيامة ، يعتبر من الاُصول الاعتقادية ذات الأهمية البالغة في آثارها ونتائجها الواضحة ، لتنظيم حياة
____________
1) أمالي المفيد : 198/32 ـ مؤتمر الشيخ المفيد ـ قم.
2) سورة المطففين : 83/1 ـ 5.
3) التهذيب / الطوسي 9 : 232/3 ـ دار الكتب الإسلامية ـ طهران.

( 20 )

المجتمع المسلم ، وتوجيه سلوكه لبلوغ أهدافه الإنسانية والروحية على اُسس قويمة ، هي أرقى من كل التشريعات البشرية الهادفة إلى القضاء على الفوضى والفساد ، وجرائم القتل والنهب ، التي بلغت أوجها في أكثر بلدان العالم تقدّماً وتطوّراً وثقافةً.
( ومن هنا اضطرّ كثير ممّن لا يؤمن بالدين ولا بالآخرة كواقع ديني ، إلى أن يصرّحوا بأنه لا شيء غير عقيدة الآخرة يصلح لمراقبة الإنسان وإخضاعه لسلوك طريق الحق والعدل والانصاف في جميع الظروف ، مثل « كانت » و« فولتير » وغيرهما ) (1).

ثانياً : أثر المعاد في إطار النفس إنّ الاعتقاد بالله وباليوم الآخر يعتبر من أمضى أسلحة الإعداد والحصانة ، ذلك لأنه يمنح النفس الإنسانية قوّة الصمود أمام الرغبات النفسية والمظاهر الخدّاعة في هذا العالم ، ويكسبها حصانة تقيها من الجنوح إلى أهوائها وتفطمها عن إتيان شهواتها ، ذلك لأن أغلب من لا يؤمن بالمعاد ويعتقد أنه إذا مات تحلّل جسده وختمت حياته ، لا تكون له شكيمة تردّه عن الهوى وتصدّه عن الغيّ ، ولا يكون له وازع يزجره عن الباطل ويصرفه عن إتيان القبيح.
أمّا المؤمن باليوم الآخر فإنّه يعتبر الحياة الدنيا مدرسة إعداد ووسيلة لاكتساب المعرفة والفضيلة للوصول إلى الكمال والحقّ والعيش في عالم
____________
1) الأدلة الجلية في شرح الفصول النصيرية / عبدالله نعمة : 193 ـ دار الفكر اللبناني.

( 21 )

الخلود والبقاء الأبدي والسعادة السرمدية ، وذلك من خلال تنزيه النفس عن ارتكاب الخطايا ، وترويضها على معاني الفضيلة والعدالة ، ومجاهدتها عن الاستسلام لرغباتها المضادّة للشرع والعقل ، والعروج بها إلى سلّم الكمال الانساني والاطمئنان الروحي ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي ) (1).
وتلك القيم لا ينشدها الإنسان إلاّ ليقينه بمعادٍ يثاب فيه على إحسانه ويعاقب على إساءته ، فهو يسيطر على نفسه بقوة عقيدته التي غرست في نفسه حبّ الفضيلة ومكارم الأخلاق ومحاسن الصفات ، ومنحته المناعة الكافية عن ارتكاب الخطايا والذنوب ، لما تخلّفه من ندامة وحسرة ومسؤولية كبرى في يوم الحساب.
ثمّ إن الاعتقاد بالمعاد ليس رادعاً عن إتيان القبائح وغشيان الخسائس وحسب ، بل إنه مُطمأنّ النفس وسَكَن الخواطر ومعتصم الاندفاعات ، وبه تمتدّ أشعة الأماني إلى ما لا نهاية ، ولا تقف الآمال إلاّ عند غاية الحق والكمال ، حيث يصبح الانسان فاضلاً ، لا لأنه يخاف العذاب أو يرجو الثواب ، بل لأنه يجد لذة الفضيلة أكبر من لذّة الرذيلة ، ويعبد الله تعالى لا بدافع الرهبة أو الرغبة ، بل لأنه يرى الله تعالى أهلاً للعبادة ، يقول أمير المؤمنين عليه السلام : « إلهي ما عبدتك خوفاً من عقابك ، ولاطمعاً في ثوابك ، ولكن وجدتك أهلاً للعبادة فعبدتك » (2). وتلك عبادة الأحرار المخلصين والكرام المؤمنين.
____________
1) سورة الفجر : 89/27 ـ 30.
2) بحار الأنوار / المجلسي 41 : 14/4.

( 22 )

أمّا الذين لا يؤمنون بالآخرة ولا يرجون لقاء الله ، فقد رضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها وركنوا إليها ، فاستولت عليهم الرغبات ، وامتلكتهم الأهواء ، فاستعبدت ذواتهم ، وحطّمت نفوسهم ، فتراهم يلهثون وراء الحطام الدنيوي الزائل ، لأنه وسيلتهم لتحصيل السعادة ، وتحقيق سبيل الرفاه والعيش الرغيد والأماني والرغبات قبل الرحيل إلى عالم الموت ، الذي يعني العدم والفناء في اعتقادهم.
ومن هنا تراهم يشعرون بالاضطراب وعدم الاستقرار ، خشية من انتهاء الرزق قبل الموت ، وعدم تحصيل أسباب السعادة والرفاه قبل الفوت ، فينتابهم الهمّ والأسى لأدنى فشل في الحياة ، وتشقى نفوسهم بالمتاعب الدنيوية التي لم يحصلوا على عوضٍ أو ربحٍ لقاءها ، فتكون الدنيا في أعينهم سوداء قاتمة وعبثاً لا معنى له ، وقد يلـجـأون إلى الانتحار فراراً من الواقع المؤلم ، لأنهم عميٌّ لا يبصرون ، أعمتهم الدنيا من أن يبصروا طريق الحق والخير والكمال.
قال أمير المؤمنين عليه السلام : « إنما الدنيا منتهى بصر الأعمى ، لا يبصر مما وراءها شيئاً ، والبصير ينفذها بصره ، ويعلم أنّ الدار وراءها ، فالبصير منها شاخص ، والأعمى إليها شاخص ، والبصير منها متزوّد ، والأعمى لها متزوّد » (1) .
وعلى عكس ذلك يعتقد المؤمن وبنفس مطمئنة أن السعادة لا تقتصر على هذه الحياة الدنيوية ومتاعها المحدود ، وأن الذي عند الله سبحانه هو أكثر خيراً وأبقى أثراً ( وَمَا أُوتِيتُم مِن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا
____________
1) نهج البلاغة / صبحي الصالح : 191 ـ الخطبة (133) .

( 23 )

وَمَا عِندَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى ) (1)وذلك يمنحه الصمود أمام مصائب الحياة ومصاعبها وأحداثها المفجعة ، فلا يستسلم للحوادث ، ولا يقع فريسة للاضطراب والقلق والضياع ، بل يوطّن نفسه على الصبر متذكّراً الموت وقيامه بين يدي الله تعالى رجاء السعادة الأبدية ، قال أمير المؤمنين عليه السلام : « أكثروا ذكر الموت ويوم خروجكم من القبور ، وقيامكم بين يدي الله تعالى ، تهون عليكم المصائب » (2).
فالمعاد عقيدة ترمي إلى سعادة الأنسان وتوجيه ملكاته النفسية نحو الفضيلة والكمال ، لأنّ الفوز بالدار الآخرة يتطلّب التحلّي بالفضائل والمكارم التي يكتسبها الإنسان ، باعتدال نفسه وتوسّطها بين طرفي الإفراط والتفريط من كلّ قوة غضبية أو شهوانية ، وسلوكه الطريق المؤدي إلى نيل الفضيلة وتجنب الرذيلة على اختلاف أنواعها ، لما فيها من الذلّ والهوان في الحياة الدنيا ، وما يترتّب عليها ممّا لا يحمد عقباه من الخزي وعذاب النار في الدار الآخرة ، وبذلك تُهيَّأ له الأرضية للسير في مدارج الكمال.
ومهما امتلك الانسان المعاصر من تقنية متطوّرة وأدوات حضارية مكّنته من السيطرة على قوى الطبيعة المختلفة ، إلاّ أنها أثبتت فشلها من أن تمسك بزمام النفس الإنسانية ، وأن تروّضها في طريق الكمال المطلوب ، وعجزت بالتالي من أن تحول دون انتشار عوامل الانحراف والفساد والاضطراب والقلق التي اتسعت أمواجها وانتشرت آثارها في أكثر بلدان
____________
1) القصص : 28/60.
2) الخصال / الصدوق : 616 ـ حديث الأربعمائة.

( 24 )

العالم المتطوّر مدنياً.
ومن هنا بقيت جميع الحلول المطروحة ، من قبل الاتجاهات الوضعية ، لرفع حالة الاضطرابات الروحية المتفشية في مجتمعات الدول المتطوّرة عقيمة وغير مثمرة ، وبقي الإنسان هناك يعيش حالة من الضياع والخواء الفكري.
وبقيت عقيدة المعاد هي القوّة الوحيدة القادرة على تهذيب النفوس والحيلولة دون انحرافها ، وهي الدرع الحصينة التي تحفظها من هجمات الأهواء وتصوغها صياغة رفيعة ؛ لتصل إلى السعادة المبتغاة ، وهي الركن الأساس الذي يرسو عليه بناء النفس الفاضلة والمجتمع الفاضل.


1 déc. 2010

الله أكبر يامحلى جمال الكعبة والبيت الحرام

باسم الله الرحمآن الرحيم

الله أكبر يامحلى جمال الكعبة والبيت الحرام شوفوا الصورة الرائعة من فوق ساعة مكة عند الأصيل.. يالها من روعة سبحان الله كتب الله لكم زيارتها آمين
 
دفعت صورة الحرم المكي الشريف في مكة المكرمة، التي نشرتها جريدة «الشرق الأوسط» قبل أمس، أكبر المواقع الإخبارية العالمية، لنقلها وتداولها، والتقطت الصورة من علو على ارتفاع 600 متر، بمحاذاة ساعة مكة، التي ضبطت للتو ثوانيها بصرامة. وكشف مصور «الشرق الأوسط» خضر الزهراني، بعدسته، التي أطلق فلاشها حين سويعات الأصيل، وأثناء رفع المعتمرين والمصلين تمراتهم وقت الإفطار، نصف مساحة مكة المكرمة. وحين تتجه نحو صاحب الصورة لتسأله عن حيثياتها، يفضل الصمت والسكون، معرجا بالقول «إنها صورة موفقة، قد يقتنصها أي مصور مبدع، وليست خلطة سرية أحملها في جعبتي»، مبينا «أن الزاوية التي تم التقاط الصورة منها كانت في الحق جديدة، وتحمل بعدا مغايرا، بحكم متاخمتها لساعة مكة، بارتفاع مهيب تجلت فيه عذوبة المشهد بكل تضاريسه، ورونقه، وتسلسل كينونته، ليكون المشهد الأخير، كما ظهر للجميع».
 
http://img291.imageshack.us/img291/4325/47344152133058149724100.jpg

 
وعن سر نجاح الصورة والسر الذي حدا بوكالات وصحف عالمية لنشر الصورة على صحفها الإلكترونية والورقية، أجاب خضر الزهراني «ذهلت بالفعل بما نشر، ورأيت اهتماما عالميا بالصورة، انتشرت كانتشار النار في الهشيم، بعضها جير الحق لجريدة (الشرق الأوسط) في النقل، وآخر لم يفعل، وهذه أمور تحكمها المهنية في المقام الأول والأخير». و قام عشرات الالوف من القراء بمطالعة الصورة على الموقع الالكتروني للجريدة.
من جانبه أوضح محمد المالكي، رئيس قسم التصوير في المعهد المهني بجده لـ«الشرق الأوسط» أن تحديد المكان فيما يتعلق بالصورة كان رائعا جدا، مبينا عظمة الحرم الشريف، وهذا دليل على أن المصور لديه القدرة على تحديد المكان المناسب، ناهيك عن أن وضع العدسة كان مناسبا جدا، ووضعية عدسة الـFish Eye توحي بأن الصورة تأتي على شكل الكرة الأرضية في المجمل العام، مفيدا أن الوقت الذي التقطت فيه الصورة كان مناسبا وجميلا، وتجلت في الصورة معالم السكينة والهدوء في الحرم، وهي ساعة الإفطار.
 
http://www.aawsat.com/2010/09/08/images/daily1.585899.jpg
صورة الحرم المكي كما التقطها مصور «الشرق الاوسط» خضر الزهراني من فوق برج
الساعة الذي يعلو وقف الملك عبد العزيز

 







29 nov. 2010

صحفي شــاب يصحح للأئمــة خطـأ ألـف عـام تلك هي قضية أن الرسول تزوج عائشة في سن التاسعة

باسم الله الرحمآن الرحيم

لقد سمعت نفس التحليل من أحد مشايخ الأسلام في تامبا فلوريدا من 6 سنوات، و لكن هل هدف جمال البنا هنا اثبات عمر السيدة عائشة رضي عندما تزوجت الرسول صل الله عليه وآله و سلم، أم التشكيك في البخاري   الله عنها ،
صحفي شــاب يصحح للأئمــة خطـأ ألـف عـام
هذ بالضبط ما كنا نقول ونعتقد , فلا يمكن لرجل في الثالثة والخمسين من عمره أن يتزوج طفلة عمرها 9سنوات فكيف بنبي الأمة و سيد المرسلين. ثم أنه لو كان ذلك صحيحا لأصبح الزواج من طفلات صغيرات سنة نبوية يجتهد المسلمون في تطبيقها والأخذ بها 
 بقلم جمال البنا :

أريد من نشر هذا المقال تقديم مثال لما يمكن أن يصل إليه صحفي شاب لم يدخل الأزهر، أو يضع علي رأسه عمامة أو يدعي أنه من أهل الذكر.. إلخ، إنه صحفي كبقية الصحفيين، ولكن هذا لم يمنعه من أن يعني بقضية حاكت في نفسه،  كما حاكت في نفوس آخرين فقبلوها صاغرين، ولكنه وطن نفسه علي أن يدرسها ولم يثنه أنها مثبتة في البخاري وأن أعلام الأمة تقبلوها لأكثر من ألف عام، تلك هي قضية أن الرسول تزوج عائشة في سن السادسة وبني بها (أي دخل بها) في سن التاسعة بناءً علي ما جاء في البخاري (باب تزويج النبي عائشة وقدومها المدينة وبنائه بها ٣٨٩٤): حدثني فروة بن أبي المغراء حدثنا علي بن مسهر عن هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: «تزوجني النبي صلي الله عليه وآله وسلم وأنا بنت ست سنين، فقدمنا المدينة.. فأسلمتني إليه وأنا يومئذ بنت تسع سنين».

  وجد الباحث في نفسه حمية للدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلها لم توجد في غيره.

  أعد نفسه لمقارعة تلك القضية، ولم يقنع بأن يفندها بمنطق الأرقام ومراجعة التواريخ، ولكنه أيضًا نقد سند الروايات التي روي بها أشهر الأحاديث الذي جاء في البخاري ومسلم، وأثبت في الحالتين ذكاءً، وأصاب نجاحًا. من ناحية التواريخ، عاد الصحفي الشاب إلي كتب السيرة (الكامل ــ تاريخ دمشق ــ سير أعلام النبلاء ــ تاريخ الطبري ــ تاريخ بغداد ــ وفيات الأعيات)، فوجد أن البعثة النبوية استمرت ١٣ عامًا في مكة و ١٠ أعوام بالمدينة، وكانت بدء البعثة بالتاريخ الميلادي عام ٦١٠، وكانت الهجرة للمدينة عام ٦٢٣م أي بعد ١٣ عامًا في مكة، وكانت وفاة النبي عام ٦٣٣م والمفروض بهذا الخط المتفق عليه أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم تزوج أم المؤمنين السيدةعائشة قبل الهجرة للمدينة بثلاثة أعوام، أي في عام ٦٢٠م،

  وهو ما يوافق العام العاشر من بدء الوحي، وكانت تبلغ من العمر ٦ سنوات، ودخل بها في نهاية العام الأول للهجرة أي في نهاية عام ٦٢٣م، وكانت تبلغ ٩ سنوات، وذلك ما يعني حسب التقويم الميلادي، أنها ولدت عام ٦١٤م، أي في السنة الرابعة من بدء الوحي حسب رواية البخاري، وهذا وهم كبير.... ونقد الرواية تاريخيا بحساب عمر السيدة (عائشة) بالنسبة لعمر أختها (أسماء بنت أبي بكر ــ ذات النطاقين): تقول كل المصادر التاريخية السابق ذكرها إن (أسماء) كانت تكبر (عائشة) بـ ١٠ سنوات،

  كما تروي ذات المصادر بلا اختلاف واحد بينها أن (أسماء) ولدت قبل الهجرة للمدينة بـ ٢٧ عامًا ما يعني أن عمرها مع بدء البعثة النبوية عام ٦١٠م كان ١٤ سنة وذلك بإنقاص من عمرها قبل الهجرة ١٣ سنة وهي سنوات الدعوة النبوية في مكة، لأن ( ٢٧ ــ ١٣ = ١٤ سنة )، وكما ذكرت جميع المصادر بلا اختلاف أنها أكبر من (عائشة) بـ ١٠ سنوات، إذن يتأكد بذلك أن سن (عائشة) كان ٤ سنوات مع بدء البعثة النبوية في مكة، أي أنها ولدت قبل بدء الوحي بـ ٤ سنوات كاملات، وذلك عام ٦٠٦م،

  ومؤدي ذلك بحسبة بسيطة أن الرسول عندما نكحها في مكة في العام العاشر من بدء البعثة النبوية كان عمرها ١٤ سنة، لأن (٤ + ١٠ = ١٤ سنة) لأو بمعني آخر أن (عائشة) ولدت عام (٦٠٦م) وتزوجت النبي سنة (٦٢٠م) وهي في عمر (١٤) سنة، وأنه كما ذكر بني بها ـ دخل بها ـ بعد (٣) سنوات وبضعة أشهر، أي في نهاية السنة الأولي من الهجرة وبداية الثانية عام (٦٢٤م) فيصبح عمرها آنذاك (١٤ + ٣ + ١ = ١٨ سنة كاملة) وهي السن الحقيقية التي تزوج فيها النبي الكريم (عائشة).

  حساب عمر (عائشة) بالنسبة لوفاة أختها (أسماء ـ ذات النطاقين): تؤكد المصادر التاريخية السابقة بلا خلاف بينها أن (أسماء) توفيت بعد حادثة شهيرة مؤرخة ومثبتة، وهي مقتل ابنها (عبدالله بن الزبير) علي يد (الحجاج) الطاغية الشهير، وذلك عام (٧٣ هـ)، وكانت تبلغ من العمر (١٠٠) سنة كاملة فلو قمنا بعملية طرح لعمر (أسماء) من عام وفاتها (٧٣هـ) وهي تبلغ (١٠٠) سنة كاملة فيكون (١٠٠ ــ ٧٣ = ٢٧ سنة) وهو عمرها وقت الهجرة النبوية، وذلك ما يتطابق كليا مع عمرها المذكور في المصادر التاريخية فإذا طرحنا من عمرها (١٠) سنوات،

  وهي السنوات التي تكبر فيها أختها (عائشة) يصبح عمر (عائشة) (٢٧ ــ ١٠ = ١٧ سنة) وهو عمر (عائشة) حين الهجرة ولو بني بها ـ دخل بها ـ النبي في العام الأول يكون عمرها آنذاك (١٧ + ١ = ١٨ سنة)، وهو ما يؤكد الحساب الصحيح لعمر السيدة (عائشة) عند الزواج من النبي. وما يعضد ذلك أيضًا أن (الطبري) يجزم بيقين في كتابه (تاريخ الأمم) أن كل أولاد (أبي بكر) قد ولدوا في الجاهلية، وذلك ما يتفق مع الخط الزمني الصحيح ويكشف ضعف رواية البخاري، لأن (عائشة) بالفعل قد ولدت في العام الرابع قبل بدء البعثة النبوية.
> >
> > حساب عمر (عائشة) مقارنة بالسيدة بفاطمة الزهراء رضي الله تعالى عنها وأرضاها بنت النبي صلى الله عليه وسلم: يذكر (ابن حجر) في (الإصابة) أن السيدة فاطمة الزهراء رضي الله تعالى عنها ولدت عام بناء الكعبة والنبي ابن (٣٥) سنة، وأنها أسن ــ أكبر ــ من عائشة بـ (٥) سنوات، وعلى هذه الرواية التي أوردها (ابن حجر) مع أنها رواية ليست قوية، ولكن علي فرض قوتها نجد أن (ابن حجر) وهو شارح (البخاري) يكذب رواية (البخاري) ضمنيا، لأنه إن كانت السيدة(فاطمة الزهراء) ولدت والنبي في عمر (٣٥) سنة فهذا يعني أن (عائشة) ولدت والنبي يبلغ (٤٠) سنة وهو بدء نزول الوحي عليه، ما يعني أن عمر (عائشة) عند الهجرة كان يساوي عدد سنوات الدعوة الإسلامية في مكة وهي (١٣) سنة وليس (٩) سنوات وقد أوردت هذه الرواية فقط لبيان الاضطراب الشديد في رواية البخاري.

  نقد الرواية من كتب الحديث والسيرة: ذكر (ابن كثير) في (البداية والنهاية) عن الذين سبقوا بإسلامهم «ومن النساء.. أسماء بنت أبي بكر وعائشة وهي صغيرة فكان إسلام هؤلاء في ثلاث سنين ورسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) يدعو في خفية، ثم أمر الله عز وجل رسوله بإظهار الدعوة»، وبالطبع هذه الرواية تدل علي أن (عائشة) قد أسلمت قبل أن يعلن الرسول الدعوة في عام (٤) من بدء البعثة النبوية بما يوازي عام (٦١٤م)، ومعني ذلك أنها آمنت علي الأقل في عام (٣) أي عام (٦١٣م) فلو أن (عائشة) علي حسب رواية (البخاري) ولدت في عام (٤) من بدء الوحي معني ذلك أنها لم تكن علي ظهر الأرض عند جهر النبي بالدعوة في عام (٤) من بدء الدعوة أو أنها كانت رضيعة، وهذا ما يناقض كل الأدلة الواردة، ولكن الحساب السليم لعمرها يؤكد أنها ولدت في عام (٤) قبل بدء الوحي أي عام (٦٠٦م) ما يستتبع أن عمرها عند الجهر بالدعوة عام (٦١٤م) يساوي (٨) سنوات، وهو ما يتفق مع الخط الزمني الصحيح للأحداث وينقض رواية البخاري.

  أخرج البخاري نفسه (باب ـ جوار أبي بكر في عهد النبي) أن (عائشة) قالت:" لم أعقل أبوي قط إلا وهما يدينان الدين، ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله طرفي النهار بكرة وعشية"، فلما ابتلي المسلمون خرج أبوبكر مهاجرًا قبل الحبشة)، ولا أدري كيف أخرج البخاري هذا فـ (عائشة) تقول إنها لم تعقل أبويها إلا وهما يدينان الدين وذلك قبل هجرة الحبشة كما ذكرت، وتقول "إن النبي كان يأتي بيتهم كل يوم" وهو ما يبين أنها كانت عاقلة لهذه الزيارات،

والمؤكد أن هجرة الحبشة إجماعًا بين كتب التاريخ كانت في عام (٥) من بدء البعثة النبوية ما يوازي عام (٦١٥م)، فلو صدقنا رواية البخاري أن عائشة ولدت عام (٤) من بدء الدعوة عام (٦١٤م) فهذا يعني أنها كانت رضيعة عند هجرة الحبشة، فكيف يتفق ذلك مع جملة (لم أعقل أبوي) وكلمة أعقل لا تحتاج توضيحًا، ولكن بالحساب الزمني الصحيح تكون (عائشة) في هذا الوقت تبلغ (٤ قبل بدء الدعوة + ٥ قبل هجرة الحبشة = ٩ سنوات) وهو العمر الحقيقي لها آنذاك.

  ولم يقنع المؤلف بهذه الحساب المقارن، بل إنه أجري أيضًا حساب عُمر (عائشة) مقارنة بفاطمة الزهراء، مما لا يتسع له مجال المقال، ثم ختم الباحث بحثه بنقد السند فلاحظ أن الحديث الذي ذكر فيه سن (عائشة) جاء من خمسة طرق كلها تعود إلي هشام بن عروة، وأن هشام قال فيه ابن حجر في (هدي الساري) و(التهذيب): «قال عبدالرحمن بن يوسف بن خراش وكان مالك لا يرضاه، بلغني أن مالكاً نقم عليه حديثه لأهل العراق، قدم ـ جاء ـ الكوفة ثلاث مرات ـ مرة ـ كان يقول: حدثني أبي، قال سمعت عائشة وقدم ـ جاء ـ الثانية فكان يقول: أخبرني أبي عن عائشة، وقدم الثالثة فكان يقول: أبي عن عائشة».

  والمعني ببساطة أن (هشام بن عروة) كان صدوقاً في المدينة المنورة، ثم لما ذهب للعراق بدأ حفظه للحديث يسوء وبدأ (يدلس) أي ينسب الحديث لغير راويه، ثم بدأ يقول (عن) أبي، بدلاً من (سمعت أو حدثني)، وفي علم الحديث كلمة (سمعت) أو (حدثني) أقوي من قول الراوي (عن فلان)، والحديث في البخاري هكذا يقول فيه هشام عن (أبي وليس (سمعت أو حدثني)، وهو ما يؤيد الشك في سند الحديث، ثم النقطة الأهم وهي أن الإمام (مالك) قال: إن حديث (هشام) بالعراق لا يقبل،
> >
> > فإذا طبقنا هذا علي الحديث الذي أخرجه البخاري لوجدنا أنه محقق، فالحديث لم يروه راو واحد من المدينة، بل كلهم عراقيون مما يقطع أن (هشام بن عروة) قد رواه بالعراق بعد أن ساء حفظه، ولا يعقل أن يمكث (هشام) بالمدينة عمرًا طويلاً ولا يذكر حديثاً مثل هذا ولو مرة واحدة، لهذا فإننا لا نجد أي ذكر لعمر السيدة (عائشة) عند زواجها بالنبي في كتاب (الموطأ) للإمام مالك وهو الذي رأي وسمع (هشام بن عروة) مباشرة بالمدينة، فكفي بهاتين العلتين للشك في سند الرواية السابقة انتهي.

  أختم المقال بما قدمته به، أن هذا مثال لما يمكن أن يصل إليه باحث لم يتخرج في الأزهر ـ ربما بفضل عدم تخرجه في الأزهر ـ من تفنيد لقضية تقبلتها الأمة بالإجماع (كما يقولون)، وفاتت علي الأئمة الأعلام، ولماذا لم يلحظ رئيس قسم الحديث بالأزهر هذا بدلاً من أن يتحفنا بفتوي إرضاع الكبير؟

  من هذا الباحث الذي قام بهذا التحقيق؟

  ـ إنه الأستاذ «إسلام بحيري»، وجاء بحثه في العدد زيرو (أي قبل الأول) ص ٢١ من جريدة «اليوم السابع» الذي صدر في ١٥/٧/٢٠٠٨.

قال صلى الله عليه وسلم ... 'أحب الأعمال الى الله عز و جل سرور تدخله على مسلم , أو تكشف عنه كربة , أو تقضي عنه دينا , أو تطرد عنه جوعا , ولأن أمشي مع أخي في حاجه أحب إلي من أن اعتكف في هذا المسجد شهر'











و
  

25 nov. 2010

بالبصل والثوم وشوربة الخضار كافح الرشح والزكام في الشتاء

باسم الله الرحمآن الرحيم
بالبصل والثوم وشوربة الخضار 
كافح الرشح والزكام في الشتاء 
     http://hossamkh.elaphblog.com/Blog/hossamkh/album/%D8%A5%D9%86%D9%81%D9%84%D9%88%D9%86%D8%B2%D8%A7%20%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%86%D8%A7%D8%B2%D9%8A%D8%B1/%D8%AB%D9%88%D9%85%202.jpg



http://www.healthpm.com/wp-content/uploads/2008/03/healthy_food.jpg

  


الرشح والزكام وأمراض البرد بشكل عام مشكلة يعاني منها البعض في فصل الشتاء ولأننا حريصين في هذه الأيام على أن نبتعد بشتى الطرق عن جميع أنواع الأنفلونزا ومخاطر الإصابة بها ، يوصي الأطباء بضرورة تناول الغذاء الجيد الصحي لأنه ركن أساسي ومهم للوقاية من نزلات البرد والرشح والزكام .

لذا ينصح الأطباء بأن لا تشربوا الحليب الساخن أو البارد خصوصاً إذا كنتم تعانون من الرشح والزكام الشديد ‏,‏ كما يفضل الابتعاد قدر الإمكان عن اللحوم والبروتينات ‏,‏ وضرورة الراحة وتهوية المكان بين الحين والآخر في المكان الذي تتواجدون به للوقاية من هذه النزلات .

‏ويذكر الأطباء أن هناك أطعمة معينة يمكنك تناولها عند الإصابة ببداية الرشح لأنها تكافح العدوى وتسرع عملية الشفاء ‏,‏ ومن أبرز هذه الأطعمة الفجل ‏,‏ ويعتبر من أقدم العلاجات الطبيعية الفعالة لإزالة الاحتقان والانسداد في مجاري التنفس ‏,‏ والثوم فمادة الألسين التي تكسب الثوم رائحته المميزة تكسبه أيضاً خصائص مضادة للفيروسات والفطريات والجراثيم فهو بذلك يساعد علي كبح أعراض الرشح قبل أن تتطور ويخفف من النزلات الشعبية وآلام الحنجرة والتهاب الصدر إذا ما أخذ بانتظام .‏


الزنجبيل يكافح الزكام 

Fichier:- Ginger -.jpg



ولا تقتصر الأطعمة التي تقيكِ من الرشح والزكام على الفجل والثوم فقط ، بل فهناك بعض الأطعمة المهمة التي تحتوي على فيتامينات مضادة ومكافحة لهذه الأمراض ومنها الزنجبيل ، حيث يؤكد الأطباء أنه ينشط الدورة الدموية ويدفئ الجسم ويساعد على التخلص من البلغم ويخفف أعراض النزلة والحمى والرشح قبل أن يتفاقم ، كما ويسهم في استعادة الحيوية عند الشعور بالإحباط لذا أضف نصف ملعقة صغيرة من مسحوق الزنجبيل أو قطعة صغيرة مبشورة من الزنجبيل الطازج لأطباق اللحوم والأسماك أو الخضار ، كذلك يمكن أن تبشر قطعة صغيرة من الزنجبيل الطازج وتضيف إليها كوب من الماء المغلي والقليل من عصير الحامض ونصف ملعقة صغيرة من العسل .

الفلفل والبصل 

         

http://www.hydroshop.co.il/unique/products/sml/1051.jpg

واعلموا  أن مطابخنا بها أدوية طبيعية عديدة نستطيع بها مكافحة هذه الأمراض ، حيث تؤكد الدراسات الطبية أن البصل يعتبر مضاد حيوي قوي ويتمتع بخصائص كفيلة بتخليص الجسم من الحمى والنزلات وأعراض الرشح إضافة لكونه منشط يساعد في تسريع عملية الشفاء لذا يمكنك تناول نصف بصلة يومياً ويجب أن تؤكل فوراً بعد التقطيع ونيئة مع العلم أن البصل المطبوخ مفيد أيضاً ( ووفقا"للابحاث وللمحافظة على البصل وكذلك الثوم, يجب ان يحفظا في مكان جاف و جيد التهوية و لا يجوز الاحتفاظ بهما بعد التقشيراو التقطيع لانهما سريعي التأكسد و يصبحا مؤذيين اذا تم تناولهما بعد ذلك )..إ



واثبتت التجارب ايضا نجاح البصل في علاج الزكام و الانفلونزا و ذلك بعمل شراب من البصل حيث تقطع البصلة الى حلقات و توضع في طبق ثم يضاف اليها السكر و تترك لمدة 24 ساعة حتى يتم الترشيح ثم يؤخذ من 2 الى 5 ملاعق من هذا الراشح يوميا

http://chili-peppers.info/recipes.gif


كما أن الفلفل يساعد على تخفيف الاحتقان الذي يسببه الرشح حيث تعمل مادة الكابسسين " العنصر الحار" على تنشيط الدورة الدموية وتعزيز انسياب الدم لليدين والقدمين وهي موجودة ببذور الفلفل الطازج مما يجعلها أقوى جزء بالفلفل لمكافحة الجراثيم ، وللعلم كلما كان الفلفل حار انخفضت الكمية التي تحتاجها للمعالجة ، كما يمكنك استخدام مسحوق الفلفل أو الفلفل الطازج للأطباق المختلفة فملعقتين من الفلفل الطازج تكفي لتنشيط الدورة الدموية وإزالة الاحتقان من مجاري التنفس ، هذا بالإضافة إلى الفلفل الأخضر الغني أيضاً بفيتامين ج ومضادات التأكسد وبعض المواد المخففة للألم .

شوربة الدجاج والخضار 

ولا تنسوا  أن الخضروات من أهم الأطعمة التي تتصدي لنزلات البرد والزكام لأنها تعمل على قتل الجراثيم والبكتيريا الناتجة عنها في المعدة ، لذا ينصح الأطباء بضرورة عمل شوربة الخضار يومياً والتنوع في الخضروات الموجودة بها .

ويمكنك تناول طبق من شوربة الدجاج الساخن فهو يفتح ممرات الهواء المختنقة ، ويعطيك مزيداً من الطاقة والحيوية ، وإذا قمتم بإضافة الخضروات للحساء مع البصل والثوم فستزيد من قوة الحساء الشفائية والفعالة للبرد . 

كما يوصيِ الأطباء بإضافة الكرفس والبقدونس للشوربة أو مضغ أوراقهم سليمة لاحتوائهم على فيتامين سي   وفيتامين بي المهم للجسم والصحة و كذلك فيتامين أي.

وأخيراً يوضح الأطباء أنه يمكنك الحصول على فيتامين سي أيضاً من مصادر غذائية أخرى غنية به مثل البطاطس و الفلفل الأخضر والفراولة والأناناس ، فكل نوع من هذه الأطعمة تقيك من نزلات البرد في الشتاء


مع اطيب امنياتنا للجميع بالصحة و العافية 



-- 
ا