علي موسى الكعبي
تحظى إصدارات المركز
بسم الله الرحمن الرحيم
رميم * قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم ) [ يس :36/78ـ79 ] .
مركز الرسالة
____________
1) سورة الأحقاف : 46/33.
2) غرر الحكم / الآمدي 2 : 35/3 ـ مؤسسة الأعلمي ـ بيروت.
وحده لا شريك له ، وإقامة عناصر الخير ومبادئ الحق في الأرض ، بل هو في عقيدة الإسلام مرحلة أولية من مراحل عالم الآخرة ، عالم الخلود والبقاء ، عالم الجنة والنار ، حيث الناس هناك باقون رهائن أعمالهم ( كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ) (1) فإما نعيم دائم ، أو عذاب مقيم.
1) سورة المدثر : 74/38.
الفصل الأوّل :
معنى المعاد وآثار الاعتقاد به
المبحث الأوّل : معنى المعاد لغةً واصطلاحاً ____________
1) سورة الأعراف : 7/29.
2) سورة نوح : 71/18.
3) نهج البلاغة / صبحي الصالح : 231 الخطبة 162 ـ دار الهجرة ـ قم .
مَعَادٍ ) (1) ، وفي الحديث : « واصلح لي آخرتي التي فيها معادي ».
____________
1) سورة القصص : 28/85.
2) سورة الروم : 30/27 ، وراجع في المعنى اللغوي : لسان العرب / ابن منظور ـ عود ـ 3/315 ـ أدب الحوزة ـ قم ، مفردات القرآن / الراغب ـ عود ـ : 351 ـ المكتبة المرتضوية ـ طهران ، المصباح المنير / الفيومي ـ عاد ـ 2 : 101 ـ مصر ، معجم مقاييس اللغة / ابن فارس ـ عود ـ 4 : 181 ـ دار الفكر ـ بيروت.
3) النافع يوم الحشر في شرح الباب الحادي عشر / الفاضل المقداد : 86 ـ انتشارات زاهدي.
4) شرح المقاصد / التفتازاني 5 : 82 ـ الشريف الرضي ـ قم.
المبحث الثاني : آثار الاعتقاد بالمعاد
____________
1) المبدأ والمعاد / صدر الدين الشيرازي : 374 ـ 375 ، حق اليقين/ عبد الله شبر 2 : 36ـ38 ـ مطبعة العرفان ـ صيدا.
عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماوَاتِ وَلأ فِي الاََْرْضِ وَلأ أَصْغَرُ مِن ذلِكَ وَلأ أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِين ) (1).
أولاً : أثر المعاد في إطار السلوك
____________
1) سورة سبأ : 34/3.
تأثير في سلوك الانسان.
الأمّارة وما يعدها الشيطان من الغرور ( وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلألاً بَعِيداً ) (1) ، ( إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلاِِْنسَانِ عَدُوّاً مُبِيناً ) (2).
____________
1) سورة النساء : 4/60.
2) سورة الإسراء : 17/53.
لمن يعتقد بخلود النفس ، وهذا الاعتقاد يخلق في أعماق النفس الإنسانية حافزاً يدعو إلى عمل الفضائل والخيرات ، رجاءً في ثواب الآخرة ، ووازعاً يحدّ من الأهواء والشهوات ، ويردع عن ارتكاب المعاصي والسيئات ، خوفاً ورهبةً من عقاب الآخرة.
____________
1) جامع الأخبار / السبزواري : 359/1001 ـ مؤسسة آل البيت عليهم السلام / قم ، بحار الأنوار / المجلسي 78 : 126/7 عن الإمام الحسين عليه السلام .
2) كنز العمال / المتقي الهندي 15 : 690/42761 ـ مؤسسة الرسالة ـ بيروت.
قال تعالى : ( وَلأتَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلأ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) (1) وقال سبحانه : ( كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ) (2).
____________
1) سورة الانعام : 6/164.
2) سورة المدثر : 74/38.
3) سورة المؤمنون : 33/101 ـ 103.
4) سورة آل عمران : 3/10 و116 ، وسورة المجادلة : 58/17.
5) سورة الليل : 92/11.
6) تفسير الرازي 22 : 135 ـ دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.
____________
1) نهج البلاغة / صبحي الصالح : 507 ـ الحكمة 221.
2) غرر الحكم / الآمدي 2 : 364/409.
3) نهج البلاغة / صبحي الصالح : 346 ـ الخطبة 224.
الآخرة ينادي بالناس ثلاث مرّات ، حتى يسمع أهل المسجد : أيها الناس ، تجهّزوا يرحمكم الله ، فقد نودي فيكم بالرحيل ، فما التعرّج على الدنيا بعد النداء فيها بالرحيل ؟! تجهّزوا رحمكم الله ، وانتقلوا بأفضل ما بحضرتكم من الزاد ، وهو التقوى... »(1).
____________
1) أمالي المفيد : 198/32 ـ مؤتمر الشيخ المفيد ـ قم.
2) سورة المطففين : 83/1 ـ 5.
3) التهذيب / الطوسي 9 : 232/3 ـ دار الكتب الإسلامية ـ طهران.
المجتمع المسلم ، وتوجيه سلوكه لبلوغ أهدافه الإنسانية والروحية على اُسس قويمة ، هي أرقى من كل التشريعات البشرية الهادفة إلى القضاء على الفوضى والفساد ، وجرائم القتل والنهب ، التي بلغت أوجها في أكثر بلدان العالم تقدّماً وتطوّراً وثقافةً.
ثانياً : أثر المعاد في إطار النفس
____________
1) الأدلة الجلية في شرح الفصول النصيرية / عبدالله نعمة : 193 ـ دار الفكر اللبناني.
الخلود والبقاء الأبدي والسعادة السرمدية ، وذلك من خلال تنزيه النفس عن ارتكاب الخطايا ، وترويضها على معاني الفضيلة والعدالة ، ومجاهدتها عن الاستسلام لرغباتها المضادّة للشرع والعقل ، والعروج بها إلى سلّم الكمال الانساني والاطمئنان الروحي ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي ) (1).
____________
1) سورة الفجر : 89/27 ـ 30.
2) بحار الأنوار / المجلسي 41 : 14/4.
____________
1) نهج البلاغة / صبحي الصالح : 191 ـ الخطبة (133) .
وَمَا عِندَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى ) (1)وذلك يمنحه الصمود أمام مصائب الحياة ومصاعبها وأحداثها المفجعة ، فلا يستسلم للحوادث ، ولا يقع فريسة للاضطراب والقلق والضياع ، بل يوطّن نفسه على الصبر متذكّراً الموت وقيامه بين يدي الله تعالى رجاء السعادة الأبدية ، قال أمير المؤمنين عليه السلام : « أكثروا ذكر الموت ويوم خروجكم من القبور ، وقيامكم بين يدي الله تعالى ، تهون عليكم المصائب » (2).
____________
1) القصص : 28/60.
2) الخصال / الصدوق : 616 ـ حديث الأربعمائة.
العالم المتطوّر مدنياً.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire